close up photo of a person wearing suit jacket

القائد بين الحقيقة والوهم

من المعروف بأن التسويق التشاركي يتطلب عدة مهارات يجب التمكّن منها جيدا عبر فهمها وممارستها، ومن ثم تعليمها للشركاء. عندما يبدأ المسوق التشاركي في تعليم هذه المهارات، فإنه بحاجة لتعلم واكتساب نوع جديد من المهارات، ألا وهو مهارات القيادة، قيادة الشركاء نحو النجاح. فالقيادة في أصلها وسيلة يحتاجها كل مسوق شبكي يريد تحقيق نجاحات كبيرة في العمل.
مع مرور الزمن، وبسبب قلة الوعي وكثرة الجاهلين بالعمل، يصبح مفهوم القيادة معكوسا، فمن كونه وسيلة، يصبح غاية، ومن كونه تكليفا، يصبح تشريفا، يتهافت عليه الناس دون وعي أو فهم أو رشد.
نتائج ذلك كارثية على المستوى القريب والبعيد. خصوصا في زمن كثر فيه الكذب والتضليل والخبث والانانية وحب الشهرة والبعد عن القيم والمبادئ، فصار القائد الحقيقي مرفوضا، والقائد الوهمي مرغوبا. فالقائد الحقيقي هو الذي يصنع الاحداث، اما الوهمي فهو الذي يركب على الاحداث ويستغل الثغرات ليصل الى مبتغاه.
القائد الحقيقي هو الذي يصنع قادة مثله، اما القائد الوهمي فيصنع اتباعا لانه لا يحب ان يتفوق عليه غيره، القائد الحقيقي لا يخفي عنك شيئا يملأه الصدق والوضوح والشجاعة، اما الوهمي فهو يخفي عنك بقدر ما يجعله دائما اعلى منك مرتبة واكثر منك معلومة فلا تستغني عنه.
القائد الحقيقي صاحب رسالة ومبدأ ولا يخاف في سبيل الحق لومة لائم، اما الوهمي فجبان مهزوز الثقة يبحث فقط عن مصلحته الشخصية وبمجرد نفاذها تنتهي علاقته بك. القائد الحقيقي يعلمك لتنجح انت وهو، والوهمي يعلمك لينجح هو ولايهمه نجاحك بعد دلك. القائد الحقيقي يقوي علاقته بشركائه، اما الوهمي فيقوي علاقته بحسابه البنكي وباهل السلطة والمال. القائد الحقيقي يملك رسالة شاملة والوهمي يملك رسالة مشوهة مبعثرة.
هذا بالنسبة للقائد بنوعيه، أما الشريك فهو نوعين، اما مشروع قائد او مشروع تابع، وهو الذي يختار، فمن اختار قائدا حقيقيا فسياخذ طريقه، ومن اختار قائدا وهميا فسياخذ طريقه.
ولكي تتعرف على حقيقة القائد الذي تنوي اختياره، فعليك ان تطرح هذه الاسئلة وتجيب عليها بنفسك:
1- هل هذا القائد صنع نجاحا او صادف نجاحا؟
2- هل هذا القائد كان المال نتيجة نجاحه، او ان المال كان فقط سبب نجاحه؟
3- هل هذا القائد يقول ويفعل، ام يقول ويتخابث عليك حتى لا تعلم انه لا يفعل؟
4- هل يحبه الناس لاخلاقه ومبادئه وعقله الراجح وقلبه الطيب ام لاجل ماله وسيارته وألقابه؟
5- هل تلاحظ لغة خشبية بليدة في حديثه ام انه يتحدث دوما من قلبه ويخبرك ما يبكيك قبل ان يخبرك ما يضحكك؟
6- هل يطمح دوما فقط ليكون صديق الجميع وحبيب الجميع، ام انه يطمح لقول الحق وفعل الحق ولو كرهه الناس اجمعون؟
7- هل وجدته بجانبك يدافع ويحارب ويتحدى في احلك الظروف و أصعب الازمات، ام انه يختفي عند الضراء ويخرج ويظهر وينفش ريشه فقط عند السراء؟
8- هل احببته من قلبك، ام يجب ان تحبه او تتظاهر بحبه مضطرا لان مصلحتك معه؟
9- هل تحترمه كشخص ام تحترمه كحساب في البنك؟
10- هل استفتيت قلبك وعقلك قبل ان تستفتي جيبك وطمعك؟
هذه عشرة اسئلة اطرحها على نفسك بكل صدق وامانة لتصل الى نتبجة واحدة، وهي ان مصيرك وطريقك انت من يختاره وليس غيرك، انت من يقرر، ولا شك ان هذا القرار سيكون مصيريا في حياتك.
تسألني فتقول: واذا لم يكن هذا القائد الحقيقي متوفرا، ماذا سأفعل؟ اجيبك وبكل بساطة، مثل النجاح تماما، قد لا يكون موجودا الان ولكن مع الصبر والاستمرارية والثبات ستصل اليه يوما ما. القائد الحقيقي صار عملة نادرة في وقتنا واغلب من تراهم على الساحة قادة وهميون،بالتالي فنحن بحاجة لكثير من الوقت والجهد للتوصل اليهم، وعندما نصل اليهم سيعوضوننا كل الفترة التي حرمنا فيها منهم.
ثانيا، هنالك قادة على مر التاريخ وفي وقتنا المعاصر في كل المجالات، ينشرون مقالاتهم وكتبهم وعلمهم في كل وقت، هؤلاء أحق ان تتواصل معهم وتتعلم منهم حتى تجد ذلك القائد الذي سيهتم بك بصورة شخصية.
الطريق قد يكون أطول ولكنه الأفضل، فقد اخترت مبادئك وصدقك على جميع المغريات التي قد تنسيك انك قد خلقت حرا ويجب ان تعيش حرا، لا تابعا اعمى في كل شيء، لا يهمك سوى ان تشعر بالأمان حتى لو كان ذلك وسط سجن الخوف والجبن والمصالح الدنيوية الزائلة، عش حرا ومت حرا ولو تخلى عنك الناس فلن يتخلى عنك رب الناس.
بقلم: مالك سوالمية