السمكة المقلية

في يوم من الأيام تعرّف صالح على فتاة جميلة ومؤدبة اسمها سعاد ، وقرر أن يتقدم لخطبتها. وفي يوم الخطوبة، قامت سعاد بتقديم وجبة الغداء لعائلة صالح،وكان الطبق الرئسي سمك مقلي.
لاحظ صالح أن السمكة مقطوعة الطرفين، أي من الرأس والذيل، استغرب لذلك لكنه لم يسأل عن السبب وأكل وشرب هو وأهله وأتموا مراسم الخطوبة ثم انصرفوا.
بعد أشهر قليلة تزوج صالح بسعاد وأصبحا يعيشان تحت سقف واحد، وفي يوم من الأيام، كان العشاء سمكا مقليا، لكن تكرر نفس الشيء وأتت سعاد بالسمكة مقطوعة الطرفين. استغرب صالح وسألها عن السبب، فكانت الإجابة :هكذا تعلمت من أمي، أقطع طرفي السمكة ثم أقليها.
دفع الفضول صالح ليعرف السبب، فاتفق مع سعاد أن يقوما بشراء السمك والذهاب غدا لتناول وجبة الغذاء مع أم سعاد. وكانت المفاجأة، حيث قدمت أم سعاد السمك المقلي بنفس الطريقة، فسارع صالح بسؤالها عن السبب، وكانت الإجابة: هكذا تعلمت قلي السمك من أمي.
ضحك صالح وضحك معه الجميع، ولكنهم قرروا مواصلة رحلة البحث عن هذا السر الغريب، فقرروا زيارة جدة سعاد واكتشاف السبب. وفعلا قاموا بزيارتها وتناول وجبة الغذاء معها، وكما كان متوقعا، السمك المقلي مقطوع الطرفين. سأل صالح قائلا: ماسبب قطع السمك من طرفيه يا جدتي. ردت الجدة قائلة: عندما تزوجت، اشترى لي زوجي رحمه الله قلاية صغيرة، فكنت أضطر لقطع طرفيها حتى أستطيع قليها، وهذا هو السبب.
تعالت أصوات الضحك في البيت بعد أن عرفوا السبب الذي جعلهم ولسنوات طويلة يقطعون السمك من طرفيه قبل قليه يا ترى كم سمكة في حياتنا نقوم بقطع طرفيها منذ سنوات ولا نعرف السبب؟ فقط لأننا وجدنا الناس تفعل ففعلنا مثلهم، كم سمكة يتم قطع طرفيها في مجتمعاتنا من عادات وتقاليد وسلوكيات لا نفع منها ولا فائدة ولكننا لازلنا حتى اليوم نكررها ونقلدها ونلوم على من ينكرها أو يعارضها.
مناهجنا التعليمية قد تكون سمكة مقطوعة، خوفنا من التجارب الجديدة قد يكون سمكة مقطوعة، تضييع أوقاتنا فيما لا يعني قد تكون سمكة مقطوعة، عملنا الذي نؤديه قد يكون سمكة مقطوعة. ابحث عن السمك المقطوع في حياتك، وتعرف على الأسباب، ولا تجبر نفسك على قطع طرفي السمك فقط لأن هذا ماتعلمته من السابقين.

بقلم مالك سوالمية