
ليلى والفراشة الوردية
في قرية صغيرة تحيط بها الجبال الشاهقة وغابات الصنوبر الكثيفة، عاشت فتاة اسمها ليلى. لم تكن ليلى كغيرها من الفتيات، فقد كانت تمتلك شيئًا مميزًا لم يدركه الكثيرون: كانت أحلامها نابضة بالحياة، مليئة بالألوان والأصوات، وأحيانًا… كانت تتحقق.
ذات ليلة، حلمت ليلى بفراشة وردية عملاقة، أجنحتها تتلألأ مثل آلاف الألماس، وهي تحلق فوق أعلى قمة في الجبل. في الحلم، همست الفراشة لليلى بكلمات غير مفهومة، ولكنها تركت في قلبها إحساسًا عميقًا بالسلام والبهجة. عندما استيقظت ليلى، كان الحلم راسخًا في ذهنها، وبدأت تشعر أن هناك شيئًا ما يجب عليها فعله.
في الأيام التالية، لم تستطع ليلى التوقف عن التفكير في الفراشة الوردية. رسمتها في كل مكان، على جدران غرفتها، وفي كتبها، وحتى على الأرض الطينية أمام منزلها. سخر منها بعض الأطفال، وقالوا إنها تحلم كثيرًا، ولكن ليلى لم تهتم. كانت تعلم أن هناك معنى ما خلف هذا الحلم.
في إحدى الأمسيات، بينما كانت ليلى تساعد جدتها في جمع الأعشاب الطبية من الغابة، تاهت قليلًا عن الدرب. شعرت بالخوف يسيطر عليها، فبدأت الظلال تتراقص حولها، وأصوات الغابة أصبحت أكثر إخافة. فجأة، تذكرت الفراشة الوردية في حلمها. أغمضت عينيها وتخيلت أجنحتها المتلألئة تحلق فوقها، وشعرت بهمستها اللطيفة تملأ أذنيها.
في تلك اللحظة، لاحظت ليلى وميضًا خافتًا بين الأشجار. تبعته بقلب يرتجف، واكتشفت شلالًا مخفيًا لم يره أحد من قبل. كانت المياه تتلألأ تحت ضوء القمر الخافت، وعلى حافة الشلال، رأت شيئًا لم تصدق عينيها: فراشة وردية، بنفس اللون واللمعان الذي رأته في حلمها، تجلس على زهرة نادرة.
أخذت الفراشة تحلق حول ليلى، ثم هبطت بلطف على يدها. وفجأة، شعرت ليلى وكأنها تفهم همسات الفراشة. كانت تخبرها عن ممر سري عبر الشلال يؤدي إلى كهف قديم، حيث يكمن علاج لمرض غامض بدأ ينتشر في القرية.
في صباح اليوم التالي، روت ليلى لجدتها ما حدث. في البداية، لم تصدق الجدة، ولكن إصرار ليلى وعينيها اللامعتين أقنعاها. ذهبتا معًا إلى الشلال، وبفضل إرشادات ليلى، تمكنتا من العثور على الممر السري والكهف. في الداخل، وجدتا أعشابًا نادرة لم تكن معروفة في المنطقة، والتي استخدمتها الجدة في صنع علاج شافي.
انتشر خبر ليلى والفراشة الوردية في جميع أنحاء القرية. أصبحت ليلى تُعرف بـ “حارسة الأحلام”، وبدأ الناس يؤمنون بقوة أحلامها. أصبحت الأحلام ليست مجرد صور عابرة في الليل، بل بوابات إلى عوالم من المعرفة والإلهام، قادرة على تغيير الواقع.
ومنذ ذلك اليوم، تعلمت ليلى أن الأحلام ليست مجرد خيالات، بل هي رسائل عميقة من الروح، قادرة على إرشادنا، إلهامنا، وحتى مساعدتنا في العثور على حلول لمشاكلنا. وأن قوة الإيمان بحلمك، مهما بدا غريبًا أو مستحيلًا، يمكن أن تفتح لك أبوابًا لم تتخيل وجودها أبدًا.